مختارات قصصية للقاص/ ياسين خيرالله الزبيدي

مختارات قصصية للقاص/ ياسين خيرالله الزبيدي - وكالة خبر الاعلامية
١-غبار الذكريات 
 كأن الوقت قد توقف عند تلك اللحظة التي كانت موعد التقائهما، تشير اليها الساعة التي مات عقارباها عند زمن ولحظة نادرة. خيوط العنكبوت تحيط بالساعة ذات الأطار الخشبي الداكن وشيء من راحة عتيقة تملأ المكان. يحمل ذلك الزمن في قلبه، ثمة (بندول) مهول يتراقص في رأسه، يعزف له لحن تلك اللحظة التي جعلت سنينه ربيعا وأتخمتها بالمحبة. لم يعد من شيء هنا، ليس سوى ساعة خشبية ماتت بداخلها عقارب عند لحظة كانت له كل شيء وقلب خاو كان لزمن يحتفي بها. انبثقت في قلبه ذكراها واشتعلت متوهجة صور العشق ناضحة بالشوق، تذكر البيت الذي هناك فما عاد نابضا ولا عادت تفاصيله تتحدث كما كانت، لم يعد هناك غير ساعة ميتة وصورة لامرأة تبتسم غطى الغبار وهج ابتسامتها فبدت الصورة كتاريخ غابر. الساعة العتيقة وبندولها الرتيب يعلنا النفير لحشود جراحه وانثيال الذكريات. ذرف دمعتين وأزاح الغبار عن رخام جدثها. 

٢-امراة الظلام الشفيف 
تفجرت دموعي وجاشت احزاني عندما ترجلت ذات الخمار من العربة المتعبة وهي تغذ السير نحو بيوت منحها العملاق المخيف لأناس فقدوا جلّ أحبتهم.. أراد أن يعوضهم ، وأنا من يعوضني خسارتي وأيام حرماني. جفّت دموعهم ودموعي بعد لم تجف، أحيانا أذرف دموعا بلون الدم. تلك المرأة لم أتبين ملامحها لأني كنت غارقا في بحيرة الصمت والظلام. المهم أن أمامي امراة تشتعل كما القنديل تعيد لي ذكريات ذلك القنديل الذي أنطفأ منذ زمن. ذلك الكيان الحالس أمامي جعل موسيقى الحرمان تعزف في داخلي، قجر فيّ الألم وتذكرت كل شيء، الأنهزامات، الكبوات، الرماح المتكسرة، السيوف المنثلمة، الخيل المولية الادبار. فيى خضم الصمت والظلام أقضي أجمل اللحظات مستمتعا بالكيان الجالس أمامي ستبقى صورتها مؤطرة في مخيلتي ولن أنسى ذات الخمار التي ترجلت ذات مساء من عربة متعبة غاذة السير نحو بيوت محاطة بالصمت تاركة عيوني تشيعها حتى غيبها الزقاق، عيوني التي ملّت التحديق، سأسميها امراة الظلام لكنه الظلام الشفيف 

٣-حروف 
 ما عادت تلك المكتبة العامرة التي تغص رفوفها بالكتب تعني له شيئا، تساوت عنده الاشياء والعناوين، أختلطت الالوان، لم تعد تعنيه النظريات والآيدولوجيات التي أعتنقها. كل شيء أكتسى بلون رمادي، ذهبت تلك الديباجات التي كانت تصدح بها حنجرته، أختفت في موج الجنون المتلاطم الذي ألم به. هام على وجهه تكسوه ملامح التيه والأنكفاء وتلك الأبتسامة البلهاء، المتأرجحة على شفته الذابلة. في الطريق أبصره العقلاء، رمقهم بنظرة وابتسامة مخيفة تعلن عن غياب الهيبة، والرجاحة، والرشاد لكنها كانت مليئة باللعنات. البعض تشفى والبعض الاخر أطرق ألما وأسفا.. لم يكن يحمل من تاريخه سوى قلم قديم يغفو في جيب (دشداشته) الممزقة وثمة كتاب يتأبطه أندرست حروف عنوانه.
أحدث أقدم

تابعنا على جوجل نيوز